الثلاثاء، 29 أبريل 2014

كيف تكون مستمعاً جيداً



أيحتاج الإستماع إلى الآخرين ارشادات؟؟؟ حتى الإستماع له أصول و قواعد؟؟ هل هذا من باب تعقيد الحياة ؟؟
قديماً قبل ست سنوات أو أكثر عندما سمعت بمهارة الإستماع الفعال سألت نفسي هذه الأسئلة .. و بعد القراءة عنه .. عرفت أن أغلبنا يستمع نصف استماع و أن الإستماع الغرض منه ليس أن تعرف المعلومة .. الغرض منه أن تهتم بعواطف من يقول المعلومة أو يحكي لك شيئاً .. أي أننا كنا نستخدم آذننا فقط كحاسة لالتقاط الأصوات و نترجمها بالعقل .. و نرد أيضا بالعقل و باللسان .. لكن دور القلب شبه مفقود عند أغلبنا .. و هذا هو محور الحديث .. استمع بقلبك ..


الإستماع التفاعلي مع الآخرين مهارة بها تكسب ود من حولك و قلوبهم .. وتحافظ بها على دفئ علاقاتك القريبة و تزيد بها رصيدك عند الناس ..  نحن نتحدث هنا عن الإستماع باهتمام صادق .. أي أن ينطبع في عقل ُمحدثك .. أن لا شئ يشغل بالك الا هو ، وما يقوله لك .. أي الاستماع الذي يجعل من يحدثك يشعر أنه مهم و أنك تحترم ذاته .. و احترام ذات الآخر و العطف على مشاعره هو أكثر ما يطلبه انسان من انسان .. أن يحترم كل انسان " أنا ~ إيجو " الآخر .. نحن البشر لا نحتاج إلى من يعظمنا و يمجدنا .. فقط نحتاج إلى من يحترمنا  ولا يقلل من شأننا و يعطينا قدرنا .. و أول و أبسط مهارة بعد الإبتسامة هي مهارة الإستماع التفاعلي مع الآخرين

الإبتسامة هي احترام لذات الآخر و رسالة محبة و سلام .. نفعلها مع الغرباء الذين تتلاقى بأعينهم أعيننا .. و نمر بجانبهم في أي مكان .. أما العلاقات الأكثر قرباً و تفاعلاً .. نضيف الى الابتسامة ، الإستماع التفاعلي و الأخذ و العطاء ..  كيف هو شكل الإستماع التفاعلي ؟
تخيل أنك تتحدث معي و تحكي لي عن ذكريات أو موقف  أو تعبر عن رأيك في شئ .. و أنا أنظر إليك تارة ثم أنظر الى التلفزيون أو اللاب .. أو انشغل بأي شئ و يبدو علي اني لا أهتم بما تقول .. هل ستتحدث معي مجدداً؟ بالطبع لا .. لا تهين نفسك بالتحدث إلى شخص لا يهتم لحديثك .


الإستماع الفعال يكون كالتالي

1- تستقبل المحدث بوجهك و بجسمك أي لا تستمع الى أحد و جسمك في اتجاه و رأسك في اتجاه آخر .

2- لا تنشغل بشئ اخر .. لا موبايل .. لا تلفزيون .. لا انترنت .. لا تنظر بعيدا و تسرح.
3-  أنظر إلى  وجه أو عيني من يتحدث بشكل معقول .. فقط يدل على أنك مركز معه .. ثم اصرف نظرك الى الأرض مثلا وفي هذه الأثناء تواصل لفظياً ببعضالإيماءات مثل آآه .. إمممم .. أو هز الرأس أو بعض التعبيرات بملامح الوجه  أو زم الشفتين في أسف أو رفع الحاجبين في اندهاش ..  .. كلها أشياء لا تحتاج للتدريب .. نفعلها تلقائياً عندما فعلا نستمع بقلوبنا . ..أبدِ أي شئ يدل على التفاعل و التعااااااطف و خاصة اذا كان من يحدثك يحكي لك عن موقف يعبر من خلاله عن مشاعره .. لابد أن تحترم مشاعره بالتعاطف معها
4- لا تقاطع الا للضرورة
5- لا تندفع بالكلام و التعليق بعد أن ينتهي محدثك من الكلام . انتظر ثانية  ثم تحدث ..
6- لا تقترح حلول أبداً ولا تعطي نصائح  إلا بعد أن تتعاطف .. و اذا كان لابد من اعطاء نصيحة أو نقد أو حل .. كن لطيفاً إلى أبعد الحدود .. و استأذنه أن تفكر معه حتى تصلا معاً إلى حل أو أن تحلل معه ما حدث عسى أن تصلا إلى الأسباب .. لا تعط نصيحة قد الإمكان..  استخرجها منه .. مهما كانت درجة قربك من هذا الانسان الناس لا تحب النصائح المباشرة ..


مهارة الإستماع التفاعلي مع الآخرين من المهارات التي تكون انسان ذكي عاطفياً .. ربما يعجبك أن تقرأ مقال الذكاء العاطفي .


* ملاحظة سريعة .. سرعة الوقت و الضغوط اليوم  قد لا تساعد على انفاق وقت في الحكايات و الإستماع و التفاعل .. لكن حاول أن تفعل ذلك مع العلاقات التي لا تود أن تخسرها أبدا والتي تمثل لك أهمية و يهمك فعلاً أن يزيد فيها رصيد الحُب .

سرعة الوقت و الضغوط قد تضطرنا إلى أن نفعل شيئين في وقت واحد .. منها الحديث مع أحد تلفونيا و إنجاز بعض الأعمال المنزلية مثلاً .. في هذه الحالة لابد أن تؤكد للطرف الآخر أن ما تفعله لا يؤثر على تركيزك معه و اثبت ذلك له بالتفاعل معه .. و هو فعلا لن يؤثر لأن الأعمال المنزلية لا تحتاج إلى استخدام مراكز الاستماع و التفكير و التعاطف .. فستكون كلها من نصيب من تتحدث معه .. أما اذا كانت أعمال تستخدم إحدى هذه المراكز مثل مراجعة ملفات  .. هذا عمل يحتاج الى الانتباه و القراءة و بالتالي سينصرف انتباهك عن الحديث و سيظهر ذلك في صوتك  و في تفاعلك الساهي ..

مهارة حسن الإستماع .. سُنة نبوية



يقول عمرو بن العاص .. كان رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يُقبِلُ بوجهِه وحديثُه على شرِّ القومِ يتألَّفُه بذلك وكان يُقبِلُ بوجهِه وحديثُه عليَّ حتَّى ظنَنْتُ أنِّي خيرُ القومِ ..

و
عندما كان عتبة بن ربيعة ( سيد من سادات قريش معروف بالحنكة و الدهاء ) يفاوض النبي على أن يجعلوه سيد من الأسياد  أو يزوجوه عشر من أجمل نساء قريش أو يعطوه مالاً ليصبح أغناهم  وغيره مقابل أن يتخلى عن الدعوة إلى هذا الدين الجديد .. فاستمع منه النبي و لم يقاطعه و لما انتهى من حديثه قال له .. أفرغت يا أبا الوليد ( ابنه الوليد بن عتبة  - لاحظ رغم ان حديث عتبة مستفز و يمس كيان و ذات و رسالة النبي إلا أنه لم يجرح ذاته و كناه بأبا الوليد و أعطاه إحترامه ) ؟ أفرغت يا أبا الوليد ..فاسمع مني .. ثم تلا عليه آيات من القرآن جعلته يعود يغير الوجه الذي جاءه به بل و ينصح قريش بأن يبتعدوا عنه ..



و النبي أيضاً يستمع بإهتمام إلى حديث طويل جداً كانت تحكيه السيدة عائشة له لما اجتمعت بصويحباتها و تحدثت كل منهم عن ايجابيات و سلبيات زوجها  و من بينهم أم زرع التي تحدثت عن زوجها و وصفته بأروع الصفات و لكنه طلقها في النهاية .. و نقلت الحديث السيدة عائشة بالكامل إلى النبي فأصغى و لم يتأفف رغم أن هذا الحديث لن يفيده ..  بل و رد عليها قائلاً كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقكك .. و هذا يدل على أنه استمع الى السيدة عائشة بكل تركيز و اختار أفضل شخصية تحدثت عنها من بين الشخصيات ..و قال لها أنه لها في حبها كـ مثل هذه الشخصية .. فردت السيدة عائشة : بل أفضل يا رسول الله

و مواقف أخرى ..

صل اللهم و سلم على مُعلم الناس الخير


أتمنى لكم علاقات دافئة :)


بقلم/ شيماء فؤاد

هناك 7 تعليقات:

  1. جزاك الله خيرا يا شيماء... أحب طريقتك في عرض الأفكار وأستمتع بقراءة كلماتك حتى عندما يكون مضمونها معروفا بالنسبة لي الا ان لديك اسلوب جذاب ومؤثر
    أحبـــــك في الله

    ردحذف
    الردود
    1. أحبك الذي أحببتني فيه .. و أنا حبيت تعليقك و دخل قلبي .. ربنا يكرمك .. و منورة الدنيا هنا و في أي مكان يا ميرة :)

      حذف
  2. فعلا أصعب حاجة تجرح المشاعر لو كنت بتحكي لحد على حاجة وهو مش مهتم بتزوز حزن الشخص يمكن اكتر من الموضوع اللي كان بيحكي عنه نفسه
    جزاك الله خيرا على المقال يا أ شيماء :)

    ردحذف
  3. عندما أقرأ لكي أحس فعلا أنها أنثى من تكتب

    ردحذف